يجتمع ممثلو 159 دولة الاثنين في مراكش لإقرار ميثاق الأمم المتحدة بشأن الهجرة، الذي انسحبت منه عدة دول وأثار انتقادات ومخاوف القوميين المعادين للمهاجرين
وسيتم تبني « الميثاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة » شفهياّ بعد ضربة مطرقة رمزية صباح الاثنين، بحسب معلومات حصلت عليها وكالة فرانس برس من مصادر في الأمم المتحدة بمراكش
ولن يتم التصويت على الميثاق أو التوقيع عليه خلال مؤتمر مراكش الذي يعد محطة شكلية تسبق التصويت بشكل نهائي عليه في اجتماع مرتقب للجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 19 كانون الأول/ديسمبر في نيويورك. إلا أنه أثار انتقادات واعتراضات إذ أعلنت 15 دولة انسحابها منه أو تعليق قرارها النهائي بخصوصه
واستغربت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة المكلفة شؤون الهجرة العالمية لويز أربور « الحجم الهائل من التضليل الذي يحيط بالميثاق وما يتضمنه (…) مع أنه لا يجعل الهجرة حقا ولا يحمل الدول أية التزمات ». وتابعت قائلة خلال ندوة صحافية الأحد بمراكش « هذه الوثيقة ليست سرا ولغتها واضحة »
وأكدت 159 دولة، من أصل 193 عضوا في الأمم المتحدة، مشاركتها في مؤتمر مراكش. ومن بين المشاركين، ستكون مئة دولة ممثلة برؤساء أو رؤساء حكومات أو وزراء، وهو « ما يتوافق تماما مع المعدل المطلوب » لإقراره، بحسب أربور
ويتضمن النص غير الملزم الواقع في 25 صفحة مبادئ تتعلق بالدفاع عن حقوق الإنسان والأطفال والاعتراف بالسيادة الوطنية للدول. ويقترح إجراءات لمساعدة البلدان التي تواجه موجات هجرة من قبيل تبادل المعلومات والخبرات ودمج المهاجرين، كما ينص على منع الاعتقالات العشوائية في صفوف المهاجرين وعدم اللجوء إلى إيقافهم سوى كخيار أخير
ويرى المدافعون عن حقوق الإنسان أن مضمون النص يبقى غير كاف، مسجلين أنه لا يضمن حصول المهاجرين على المساعدة الإنسانية والخدمات الأساسية، كما لا يضمن حقوق العاملين من بينهم
وأعربت منظمة العفو الدولية عن أسفها لكون « تطبيق مقتضيات الميثاق يبقى رهينا بحسن نوايا الدول التي تدعمه ما دام غير ملزم »، بحسب وثيقة تلقتها فرانس برس من أحد ممثلي المنظمة
– انسحابات –
ويعتبر منتقدو الميثاق من جهتهم أنه يفتح الباب أمام موجات هجرة كثيفة لا يمكن التحكم فيها. وجددت الولايات المتحدة الأميركية الجمعة التعبير عن « رفض الميثاق وأي شكل من أشكال الحوكمة العالمية »، بعدما انسحبت من محادثات إعداده في كانون الأول/ديسمبر عام 2017 مؤكدة أن سياسة أهدافه « لا تنسجم مع القانون الاميركي وسياسة الشعب الاميركي ومصالحه »
وقال بيان حاد اللهجة للبعثة الدبلوماسية الأميركية لدى الأمم المتحدة إن « القرارات حول أمن الحدود في شأن من يتم السماح له بالاقامة قانونا أو الحصول على الجنسية، هي بين القرارات السيادية الأكثر أهمية التي يمكن ان تتخذها دولة ما »
وكثفت واشنطن تحركاتها في الأشهر الأخيرة للترويج لرؤيتها حول الميثاق لدى عدة بلدان خاصة في أوروبا، بحسب ديبلوماسيين من الأمم المتحدة
وانسحبت لحد الآن ثماني دول من محادثات تفعيل الميثاق بعدما كانت ضمن الموافقين عليه في 13 تموز/يوليو بنيويورك. وتشمل لائحة المنسحبين كلا من النمسا وأستراليا وتشيكيا وجمهورية الدومينكان والمجر وليتوانيا وبولندا وسلوفاكيا. وارتأت سبع دول أخرى إجراء المزيد من المشاورات الداخلية بخصوصه، وهي كل من بلجيكا وبلغاريا وإستونيا وإيطاليا وسلوفينيا وسويسرا وإسرائيل، بحسب أربور
وشهدت العاصمة الكندية مواجهة أمام مقر البرلمان بين مدافعين عن المهاجرين ومتظاهرين يمينيين يعارضون الميثاق. وأكد رئيس الوزراء الكندي جوستان ترودو عزمه التوقيع على الميثاق، مذكرا بأن « الترحيب بالناس من جميع أنحاء العالم من خلال نظام هجرة صارم هو ما جعل كندا قوية، وفي الحقيقة هذا شيء يحتاجه العالم أكثر »
ووصلت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، الداعمة هي الأخرى للميثاق، الأحد إلى مراكش للمشاركة في المؤتمر. وينتظر أيضا وصول رؤساء حكومات إسبانيا واليونان والبرتغال والدنمارك إلى هذه المدينة التي تعتبر عاصمة السياحة في المغرب
وتسبب قرار رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال المشاركة في المؤتمر في تصدع الإئتلاف الذي يقوده مع انسحاب حزب التحالف الفلمنكي الجديد بعد خلاف استمر لعدة أيام
ونظم هذا الحزب المعادي للهجرة السبت في بروكسل تجمعا للتنديد بالميثاق بحضور زعيمة اليمين الفرنسي المتشدد مارين لوبن وستيف بانون، المستشار السابق للرئيس الأميركي دونالد ترامب. وبات ملف الهجرة ورقة انتخابية يرفعها الشعبويون في بلدان الاتحاد الأوروبي، مع اقتراب انتخابات برلمان التكتل المقررة في آيار/مايو المقبل
وأوكل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من جهته تمثيل بلاده لوزير الدولة للشؤون الخارجية، وسط معارضة للميثاق يعارض اليمين واليمين المتشدد وبعض عناصر « السترات الصفراء » الذين تظاهروا للأسبوع الرابع على التوالي احتجاجا على السياسية الضريبية والاجتماعية في فرنسا
ويوجد حوالى 258 مليون شخص مهاجرين حول العالم، ما يمثل 3,4 بالمئة من مجموع سكان العالم، وتمثل تحويلاتهم المالية حوالي 450 مليار دولار، أي حوالى 9 بالمئة من الناتج الخام العالمي، بحسب أرقام الأمم المتحدة
المصدر AFP